بِسْمِ اللهِ الرَّحمن اِلرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين لهُ النِّعمة ولهُ الفضلُ وله الثناءُ الحسنُ صلوات اللهِ البَرِّ الرَّحيِم والملائكةِ المقرَّبينَ على سيدِنا محمدٍ أشرفِ المُرسلين وءاله الطيبينَ الطاهرين.
أما بعدُ فقد ثبت عن رسوِل اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أنَّه قال: "إنما الأعمالُ بالنياتِ" وقال أيضًا: "ما يُنفق المسلمُ على أهلهِ وهو يحتسبُهُ فهو له صدقةٌ".
معنى هذين الحديثين أنَّ الإنسانَ ليسَ له ثوابٌ بأعمالهِ إلاَّ بالنِيةِ، وعلى هذا فما يُنفِق الرجُلُ على أهلهِ إن كانَ نِيَُّتهُ التقربَ الى اللهِ فهو صَدََقةٌ أي يكونُ له ثوابُ الصَّدَقةِ على الفقير، نفقتهُ التي ينفُقها على زوجتهِ كأنه تصدَّق بها على فقير، والصدقة على الفقير فيها أجرٌ عظيمٌ، كذلك ما ينفقه على أولادهِ، كذلك ما ينفُقه على غيرهم إن وُجِدتِ النية، أي نية التقرُِّب الى اللهِ في هذا الفعل من غير ضِم الرياءِ إلى ذلك أي محمدةِ الناس من غير أن ينضمَ إلى ذلك الفخرُ يكونُ له ثوابُ الصدقةِ على الفقير، لمَّا قال الرسولُ "يحتسبُها" علمنا أنه لايكونُ لهُ ثوابُ ما يُنفقهُ الرجلُ على أهله إذا لم يكن محتسبًا أي طالبًا للأجر من اللهِ أمَّا هؤلاء الذين ينفقون على أهليهم وأولادهِم بغير هذهِ النيةِ فليس لهم فيها ثوابٌ، مهما تعبوا في ذلك ليس لهم ثواب مع أنهم أدّوا الفرضَ لأَنَّ النفقة على الزوجةِ فرضٌ والنفقة على الأولاد الذين لم يبلغوا فرضٌ مع أنهم فعلوا الفرض ما لهم الثوابُ، لأنَّ شر ط الثواب النية، ثم النية إذا لم تكنْ لله تعالى فهي ليس فيها منفعةٌ. الذي ينوي بنفقتهِ على أهلهِ وأولادهِ أن يقولَ الناسُ عنهُ إنهُ ينفق على
أهلهِ بتوسِعةٍ، يُوسِّعُ عليهم هذا ليس له ثوابٌ بل عليهِ وزرٌ لأن هذا رياءٌ، أراد أن يمدحَهُ الناس أن يقولوا فلان يُعِيش أهلهُ بالتوسعةِ لا يبخَلُ عليهم ليس له ثوابٌ لما نواهُ من مدح الناس له، بل عليهِ وزرٌ كبيرٌ، الرياءُ من أكبر الذنوب بل الرسولُ سمَّاه الشركَ الأصغرَ قال عليه السلامُ: "اتقوا الرياءَ فإنه الشركُ الأصغرُ". معناه يشبه الإشراكَ باللهِ في عبادتِهِ لغير اللهِ، يشبهُ لكن ليس مثلَهُ على التماِم لأن هذا ليس كفرًا أما الشركُ الأكبرُ فهو رأسُ الكفر،لكنَّ من الناس من ينفقونَ على أهليهم سنينَ طويلة وعلى أولادهم كذلك ولا يحتسبون فينفقتِهم أي لا يطلبون الأجرَ من اللهِ بدون رياءٍ بدون فخر، فهؤلاء ليس لهم ذرةٌ من الثواب مهما كُثرَ َتعَبُهُم على أهليهم أي على أزواجهم وأولادِهم ليس لهم من الثواب على هذا الانفاقِ أليس هذه خسارًة كبيرة؟!. يتعبُ الرجلُ بتحصيل نفقةِ زوجتهِ وأولادهِ سنين طويلة نعم لا يحصلُ له شىءٌ من الثواب بل هذه من أعظِم الخساراتِ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.