يأتي الشهر رمضان المبارك الذي بات يتيما في ازدياد تعبد المسلمين عن باقي الشهور
وتزداد معه اضطرادا الجهود الإعلامية على جميع الأصعدة فيخبئ كل نفيس ليعرض في هذا
الشهر وتكدس كل المواهب فيطلق لها العنان على الشاشات في هذا الشهر، لا أدري أعمدا أم عن غير قصد.
من المعلوم أن معظم أرباح القنوات الإعلامية تأتي بسبب الإعلانات التجارية والشركات
الغذائية التي ترعى بعض المسلسلات والبرامج بمبالغ خيالية ... وهناك علاقة مطردة
أيضا ما بين تخمة الصائمين وشركات الغذاء ... فبينما أصبحت التخمة والتنوع
والإسراف أقرب إلى العرف في هذا الشهر المبارك الذي تكاد إحدة حكمه الإقتصاد
والإحساس بالغير... يزداد الطلب على المواد الغذائية ويزداد التنافس بين المصنعين
وبالنهاية تزداد البرامج الجميلة والمسلسلات الأخاذة التي لا تعرض إلا في هذا
الشهر لكي يتم تغطيتها ورعايتها رسميا من قبل هذا الشركات التي تريد أن تحصل على
الحصة السوقية الأكبر من أموال المستهلكين.
فيقضي معظم المسلمين هذا الشهر الفضيل على التلفاز من قناة لقناة ومن مسلسل لآخر متناسين
كل الخير القادم من وراء التعبد في هذا الشهر الفضيل ... ومن كثرة البرامج تجدها
تصادف الصلوات المفروضة أو صلاة التراويح ... فيسيطر عليك هواك و فضولك لمشاهدة
البرنامج أو المسلسل ويمنعك من أداء أي فريضة أو سنة ... فتصبح ما بين تخمة الفطور
و إغراء الدجال "كما سمّته جدة أمتي" تقصد التلفاز لأنه بعين واحدة ، ثم
تجلس حتى ساعة متأخرة من الليل ومن ثم تتسحر وتنام معظم النهار مطلقا شعار نوم الصائم عبادة.
لا أريد الإطالة عليكم ... ولكن هلا وقفتم وقفة رجل لمرة واحدة في حياتكم وأطفئتم
التلفاز في هذا الشهر ... صعب أليس كذلك ؟؟!!
ولكن كم هو سهل إخفائه عند اقتراب موعد الإمتحانات وبالذات إن كان هناك بسنة طالب لديكم
بالتوجيهي"البكالوريا" وتبقى تحديات الهوا ذات مناعة أكبر إن كانت موجهة لأمور دنيوية وتكون هشة تكاد تنهار إن وجهت لأمور أخروية
حملة مقاطعة التلفاز في هذا الشهر الفضيل ... لا تحتاج هذا الحمله إلى مسجلين ولا
موقعين ولا قبعات ولا ملصقات ... اجعلوها بينكم وبين أنفسكم.
وانشروها بقدر ما تستطيعون ... لعلكم تكسبون الأجر
عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
"
من سن سنة حسنة فله أجرها ما عمل بها في حياته وبعد مماته حتى تترك ومن سن سنة سيئة فعليه إثمها حتى تترك ... الحديث
"
رواه الطبراني وقال عنه الألباني حسن صحيح في كتابه صحيح الترهيب والترغيب
وكونوا
ممن قال الله فيهم : (يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ )
فاطر : 29
وبالنهاية أود التذكير أن العبادة ليست حكرا على هذا الشهر عن غيره ... وإن الله أمرنا
بالعبادة في كل الشهور، فلا تخصوا هذا الشهر بالعبادة ولكن كثفوا جهودكم ، أخيرا وليس آخرا ... لا تنسوا
أن أحب الأعمال إلى الله هو القليل الدائم.
قال صلى الله عليه وسلم : "يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى
الله ما دام وإن قل " حديث رقم 7887 صحيح الجامع للألباني. [/b]
وبهذا الحديث الشريف أختم حديثي ...
بقلم أخوكم المهند- أبو ناصر